إن المضادات الحيوية هي عبارة عن مواد كيميائية تقوم بتدمير أو إيقاف نمو البكتيريا الضارة وبالتالي حماية الجسم من تأثيرها السيئ، ومن باب المفارقة فإن تصنيع المضادات الحيوية في الأصل يتم عبر استخراج المواد الأولية من كائنات حية أخرى ثم يتم إدخالها إلى سلسلة من الخطوات الصناعية تنتهي بالحصول على المضاد الحيوي المرغوب. وعلى الرغم من أن خطوات تصنيع المضادات الحيوية لم تكن معروفة بعد قبل القرن العشرين إلا أن هناك العديد من الأدلة التاريخية التي تثبت نجاح الصينيين في استخدام أول مضاد حيوي في التاريخ قبل أكثر من 2000 سنة، واليوم تنتج المصانع الطبية آلاف الأنواع من المضادات الحيوية ضمن منظومة صناعية ضخمة تدر ملايين الدولارات سنوياً.
تصنيع المضادات الحيوية باختلاف أنواعها يتفق دوماً في اختيار المادة الأولية للتصنيع وهي عبارة عن خليط تخمير غرضه إنضاج المادة الرئيسية المستخدمة في التصنيع حيث يتكون ذلك الخليط من مصدر أساسي للكربون وهو الدبس (المستعمل في الخل المنزلي) أو أحياناً يستبدل بخليط فول الصويا المعروف كبديل عن البروتين، وفي كلا الحالتين يتم إضافة مركبات الجلوكوز والسكروز واللاكتوز والتي تعمل على توفير نسبة من الغذاء تعوض الخلايا التي مهاجمتها بالبكتيريا ولو بقدر بسيط مؤقت. كذلك تحتاج تلك المركبات لعنصر النيتروجين لذلك يتم إضافته في صورة أملاح الأمونيا (النشادر) مع إضافة نسب متفاوتة من عناصر الزنك والنحاس والكبريت والمغنسيوم والفوسفور بعد إذابتها في الماء لتكون في صورة محلول مائي.
كل تلك العناصر السابقة ليست هي العناصر الرئيسية المكونة للمضاد الحيوي؛ فالعنصر الرئيسي قد تم ذكره من قبل وكيفية الحصول عليه من وسائل طبيعية كالنبات أو الحيوان، لكن ما يتطلب إضافة العناصر السابقة جميعاً هو أن المكون الرئيسي للمضاد الحيوي لا يتواجد بالنسب الكبيرة التي تصلح لإنتاج كمية هائلة منه تكفي حاجة المرضى حول العالم لسنوات متواصلة؛ ولذلك تقوم الشركات بمحاولة زيادة تركيز تلك المواد وذلك عبر إضافة عناصر تخمر لها لفترة محسوبة من الوقت تساعدها على زيادة تركيزها وكميتها بشكل ملحوظ.